حوار لأخبار الأسبوع

أجرى هذا الحوار محمد الواتي من جريدة أخبار الأسبوع، وقد أُجيب على الأسئلة كتابة. وقد نُشر الحوار كاملا أواخر شهر ماي 2006م.

بسم الله الرحمن الرحيم

س1/ لماذا أيدتم ميثاق السلم والمصالحة رغم الظلم الذي لحق بكم؟

ج1/ نعم أيدنا ميثاق السلم والمصالحة في أوانه، ودون تردد لسبب واضح وهو أن الميثاق جاء ليحقق ثلاثة أهداف رئيسية:

الأول لصالح اللوبي التغريبي الاستئصالي الذي أوجد الأزمة.

والثاني والثالث لصالح الشعب الجزائري.

أما الأول فهو منع قادة الفيس من العمل السياسي، وتحميلهم ،ظلما وعدوانا ، مع أتباعهم المسؤولية الكاملة لما وقع في الجزائر خلال سنوات المحنة.

أما الثاني فهو تسوية الوضعية الاجتماعية، وكذلك القانونية لفئة عريضة تضررت كثيرا طوال سنوات الأزمة وإلى يوم الناس هذا..

وأما الثالث فهو غلق الباب نهائيا في وجه أي تدخل أجنبي، وتجنيب الجزائر ما وقع ويقع في العراق وأفغانستان.

وقد سبق أن صرحنا في ندوة صحفية حضرتها مختلف وسائل الإعلام وأكدنا في حينه أن هذا الميثاق مجحف وظالم لسبب بيّن صريح وهو تبرئة المجرم وتجريم الضحية، إلا أننا قبلنا به تماشيا مع الاستراتيجية المسطرة التي اعتمدناها، ونحن نستعد لمباشرة الخطوات الأولى من مشروع المصالحة الوطنية، الذي مثّلت فيه الهدنة المعلنة خطوة مهمة لفتح الباب واسعا بغية الوصول إلى الحلول النهائية التي تعيد للدين مكانته وللشعب حقه وللوطن أمنه واستقراره..

وقد قلنا بصريح العبارة حينها أن الرئيس قد طلب منا شهادة زور بالتصويت على هذا الميثاق ، فشملنا حكم المضطر فقبلناه كمن يشرب السم ، وقلنا ذلك صراحة في ندوة صحفية ، و في حينه ، لأننا نعلم يقينا أن السبيل الوحيد المتاح لفك الأزمة الواحدة تلو الأخرى هو الصبر والتحمل المرحلي لبعض المسؤوليات والمظالم، التي نحن براء منها براءة الذئب من دم ابن يعقوب..

كنا قد قررنا هذا منذ أن كانت الرشاشات بأيدينا، ونحتل المواقع الحصينة لِما أدركنا تماما بأن الرصاص الذي يطلقه هذا الطرف أو ذاك لا يصيب في الغالب إلا أبناء التيار الوطني الإسلامي، مهما اختلفت مواقعهم..

فكان لابد من فعل شيء لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

س2/ جاء في ميثاق السلم والمصالحة أنه يمنع على كل من استعمل الدين لأغراض سياسية العودة إلى النشاط السياسي. فهل يشملكم هذا النص؟

ج2/ لا .. هذه الفقرة لا تعنينا لا من قريب ولا من بعيد، لسبب بسيط وواضح وهو أن مرسوما صدر باسم الدولة الجزائرية، ممثلة في شخص رئيس الجمهورية يقضي بعفو كامل في حق كل أفراد الجيش الإسلامي للإنقاذ، ويؤكد بالنص المكتوب والمنشور في الجريدة الرسمية، تمتع كل الأفراد المذكورين آنفا بجميع الحقوق المدنية والسياسية.

س3/ من كان يقصد رئيس الجمهورية عندما تكلم عن التوازنات؟

ج3/ إن الأطراف المقصودة في ’التوازنات الوطنية‘ في حديث الرئيس، هي تلك الأطراف التي أوقفت المسار الانتخابي ، وزجت بالبلاد في مستنقع الدماء والدموع، وهي المستفيد الأول من الأزمة، وهي من يقف وراء عرقلة كل مقترح أو مشروع تشتم منه رائحة إنقاذ الجزائر و الجزائريين.. ولأن الرصاص لا يصل إلى هذه الفئة كما سبق وأن قلنا، فإن مشروع المصالحة الوطنية، والعودة إلى الشرعية الدستورية قد أضحى السلاح الوحيد الذي يقوّم هؤلاء أو يقتلهم، وقد بانت نجاعته فعلا منذ سنة 97 إلى يومنا هذا، والبقية آتية إن شاء الله والصبر مفتاح الفرج.

س4/ هل تعتقدون أن ميثاق السلم والمصالحة سيقنع من تبقى في الجبال للدخول في مسعى السّلم؟

ج4/ سبق وأجبنا على هذا السؤال في مناسبات عدة،، وقلنا أن خلاصة التجربة التي خضناها مع أفراد الجماعة المسلحة، تؤكد أن أفراد هذا التنظيم الذي لم يبق منه إلا عدد قليل، سيعودون إلى المجتمع متى صدرت قوانين المصالحة في قالب جاد ومنصف، وقدّرنا يومها أن سنة ونصف بعد دخول القوانين حيز التنفيذ كافية لعودة الأغلبية..

والآن وبعد صدور القوانين ورغم أنها لم تكن في المستوى المرجو، فإن الوقت لازال مبكرا لكي نقدم أي حكم على العملية برمتها..

س5/ في خضم الأزمة الخانقة التي عاشتها البلاد ألا ترى أن من تبقى في الجبال من عناصر الجيا يشكلون خطرا كبيرا على مشروع السلم والمصالحة، وماهو الدور الذي يجب أن تلعبه الجبهة الإسلامية في هذه الظروف؟

ج5/ تسألني عن الأزمة وكأننا نعيش سنة 1995 حين كانت الحقائق التالية:

1- عدد المقاتلين يفوق 15000 مقاتل.

2- أغلبية الشعب الجزائري يقف إلى جانب الجبهة الإسلامية بسبب الظلم الذي سلّط على أتباعها.

3- المجتمع الدولي متفهم جيدا مطالب الجبهة الإسلامية، بل أيدها في أغلب الأحيان .. بما في ذلك الولايات المتحدة..

4- النظام دخل في حالة الإحتضار بداية 94، ولكن الطبقة السياسية بمختلف توجهاتها أظهرت عجزا مريعا ولم تأخذ زمام المبادرة لاستلام السلطة كما حدث في كثير من بلدان العالم.

5- ديون الجزائر تعدت الثلاثين مليار دولار.

6- الخزينة فارغة تماما.

7- حصار كلي مضروب على البلد حيث أصبح كالحصان الأجرب لا يقربه إلا أهله.

أما اليوم فنحن في سنة 2006 بحقائقها التالية:

1- عدد المقاتلين في حدود الألف مقاتل.

2- أغلب الشعب الجزائري انحاز إلى العملية السلمية على ما فيها من نقائص، مفضلا الصلح والمصالحة على الفوضى والمجازر التي يرتكبها هذا الطرف أو ذاك.

3- المجتمع الدولي غير موافق كلية تجاه الحركات القتالية في العالم الاسلامي وأعلن الحرب عليها.

4- بعد ما كانت مؤسسات الدولة انتقالية غير شرعية وضعيفة، أصبحت منتخبة مع مؤسسة رئاسية نستطيع القول أنها قوية إلى حد ما.

5- الديون أقل من 15 مليار دولار مع الاستعداد التام لإنهاء مشكلتها في أقرب الآجال.

6- أكثر من 60 مليار دولار احتياطي صرف يملأ خزينة الدولة.

7- تكسر الحصار المضروب على الجزائر، وأصبحت بحمد الله قبلة للقيادات والشخصيات العالمية، ومسرحا للملتقيات الإقليمية والدولية.

8- فتحت الورشات في كل مكان فأصبح المنصف يرى الطرقات تعبد، والعمارات تبنى، والجامعات تشيد، والجسور تمد، وعدد ما شئت من شواهد التنمية والانجازات...

وعلى هذا، واستكمالا لما تحقق حتى الآن، ولأننا والجبهة الإسلامية أدوات بناء لا هدم فإنه يتوجب علينا وعلى كل غيور صادق في هذه البلاد النضال من أجل:

أ‌) ثوابت تلزم كل الجزائريين على اختلاف توجهاتهم. وهي:

1- الإسلام دين الدولة الجزائرية.

2- إقامة دولة جزائرية مستقلة ذات سيادة، ديمقراطية واجتماعية في إطار المبادئ الإسلامية (مشروع المجتمع النوفمبري)

3- الجزائر أمة إسلامية الروح، عربية اللسان، أمازيغية الأصل، إنسانية التطلعات وهي جزء لا يتجزأ من الأمة العربية الإسلامية.

4- الجزائر واحدة موحدة.

5- حرية التعبير والممارسة الديمقراطية في إطار القيم الوطنية الأصيلة.

ب‌) أهداف يتنافس في تحقيقها كل الجزائريين على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم:

1- محاربة الفقر بكل الوسائل المشروعة من المساهمة في التنمية الوطنية التي توفر مناصب شغل إلى إنشاء جمعيات التضامن والتعاون والعمل الخيري.

2- محاربة الفساد بجميع أشكاله.

3- تقوية الدولة الجزائرية بـمؤسسات منتخبة انتخابا حرا ونزيها يعبر حقا وصدقا عن إرادة الشعب الجزائري.. سلطة جادة حكيمة تضع الجميع بدون استثناء تحت طائلة القانون. . معارضة ممثلة صادقة تؤيد بشجاعة ما تراه حسنا، وتعارض بقوّة ما تراه خبيثا.

س6/ كيف هي العلاقة التي تربطكم بالقيادة التاريخية للجبهة الإسلامية للإنقاذ؟

ج6/ تربطنا بالقادة التاريخيين للجبهة علاقتان:

الأولى دعوية أبدية وهي الأصل. . والثانية حزبية تنظيمية وهي الفرع..

أما الأولى ، فهي جيدة وقوية لا نترك أواصرها وروابطها تفتر أو تهتزّ مهما كانت الظروف والمحطات، تحفظ للكل حقوقه وتذكر من الحين إلى الآخر بالواجبات.

أما الثانية ، فهي ظرفية مرحلية لارتباطها بوسيلة متغيرة متطورة، وهو التنظيم أو الحزب ، ولا يخفى على أحد يفقه في هذا المجال ، أن هذه العلاقة محكومة بتطابق القناعات، وتقارب وجهات النظر مع توافق أساليب العمل.

وبهذا المنطق يتبين لكم أن علاقتنا تتقوى مع هذا، وتضعف مع ذاك والله المستعان.

س7/ ماذا تقولون في حزب جبهة التحرير الوطني وكيف ترون مستقبلها؟

ج7/ جبهة التحرير الوطني هي نتاج الحركة الوطنية بمختلف مكوناتها، وهي تحظى بمكانة خاصة في قلب كل جزائري شريف يعرف معنى الاستقلال والسيادة الوطنية، ورغم أن جبهة التحرير تحولت بعد 1962 إلى حزب فإن احترام الشعب الجزائري لها لم يتزعزع كثيرا لتمسكها بالمشروع النوفمبري ودفاعها عن القيم والثوابت، إلا أن السنوات الطويلة فعلت فعلتها في هذا الصرح السياسي الكبير بطوارق الليل والنهار، فحولته إلى ما هو عليه الآن..

ومع كل ما وقع ويقع فإن ثقتنا في الخيّرين الغيورين أصحاب المروءة والوطنية داخل جبهة التحرير الوطني تجعلنا نطمئن إلى التحولات السّريعة التي سيعيشها الحزب مستقبلا ممّا يؤهله إلى تبوء مكانة متقدمة في السّاحة السّياسية إلى جانب القوى الأصيلة في المجتمع، ونسأل الله تعالى ألا تسلك جبهة التحرير غير طريق الشرفاء فيذهب ريحها وتخمد جدوتها وتصبح أثرا بعد عين.

س8/ يشكك الكثيرون في الخطوة التي جاء بها ميثاق السّلم والمصالحة لإقناع من تبقّى في الجبال للعودة إلى أحضان المجتمع. ما تعليقكم؟ وكيف ترون السبيل إلى ذلك؟

ج8/ قدّمنا الكثير من أجل إقناع الإخوة الذين حملوا السّلاح للدّخول في مسعى الصلح والمصالحة الذي بدأناه سنة 97. وتبيّن للقاصي والدّاني ولمن هو في السلطة أو خارجها أن ما يرونه مستحيلا يتحقق إذا توفرت الإرادات الحسنة والطروحات المعقولة الصّادقة، والسعي المحمود. ولم نتوقف حتّى بعد نزولنا من الجبال وإلى يوم النّاس هذا، وها نحن نضع بين أيديكم رسالة وجّهناها لبعض الإخوة الدّعاة في السعودية، بطلب من جهات في السّلطة كانوا قد اتّصلوا بالدّعاة المعنيين بغية توجيه نداء لمن بقي في الجبال لقبول يد الصلح الممدودة إليهم. فكان منّا هذا الكتاب..

وإذا سمحا لأنفسنا بالرّجوع إلى الوراء قليلا فسنجد أنّ الإستراتيجية التي اعتمدت في بداية مشروع الهدنة كانت شاملة، وتقضي بإنهاء كل المشاكل التي نتجت:

من توقيف النزيف الدّموي، وإسكات صوت الرّصاص والحرب نهائيا، إلى التسوية القضائية والإجتماعية، إلى فتح المجال السياسي والإعلامي والدّعوي أمام الجميع وعلى قدم المساواة. وكان إسكات صوت الرّصاص، والسيطرة على الوضع الأمني هو أصعب الخطوات المذكورة، الشيء الذي دفعنا لنتحمل مسؤوليتنا كاملة. والحمد لله فقد حققنا الكثير . غير أنّ جهات في النّظام مع الأسف، ولحسابات ضيقة مريضة، رأت بأن توقّف العملية والإكتفاء بما تحقق، الشيء الذي كاد يدفعنا إلى دوّامة الحرب من جديد لولا لطف الله، ثم تدخلات ومواقف الرّجال.

س9/ ألا تعتقدون أنّ الإدماج الإجتماعي وحده لإطارات الفيس من خلال ما تضمنّه ميثاق السّلم والمصالحة قد لا يكون كافيا لقيام هؤلاء بالدّور المنتظر منهم في تجفيف منابع العنف؟

ج9/ إنّ الإدماج الإجتماعي سواء لإطارات الفيس أو لمناضليه ككل الجزائريين حقّ أقرته وكفلته الشرائع السّماوية كما أثبتته وأكدّت عليه الدّساتير الأرضية. فالعدل يقضي بإرجاع الحقوق المغتصبة إلى أصحابها اليوم أو غدا.

أمّا الدّور المنتظر منهم في تجفيف منابع العنف كما تسمّونه فهو واجب عليهم وعلى كل جزائري يدين بالإسلام، ويحب الوطن، وينتمي لهذا الشّعب، وقلنا وأكّدنا أن الحل الناجع في توقيف النزيف الدّموي نهائيا، وتطبيع الحياة العامة، وهيمنة دولة القانون، وتجسيد العدالة الإجتماعية هو بيد السلطة بعد الله عزّ وجل.

ونقصد أن مقترحات صادقة وجادة وعملية قد وُضعت بين يدي أصحاب القرار في الدّولة الجزائرية منذ مدّة ليست بالقصيرة، ونحن متيقنون أن طريق الحل النهائي قد عرفوه وتأكّدوا من فعاليته ، ولكن مع الأسف التوازنات تحول دون تطبيق ذلك، كما أعلن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة صراحة أمام الشعب.

س10/ ما هو مستقبل تيار الفيس في ظل إصرار السّلطات على طي ملفّه نهائيا؟

ج10/ إنّ الفيس حزب سياسي أفرزته ظروف معينة، وهو قد جمع أنواعا شتّى من أبناء الحركة الإسلامية يختلفون في كثير من القناعات التنظيمية والدّعوية والمنهجية، ضف إلى ذلك بعض أصحاب الثّأر وتصفية الحسابات، وزد عليهم أهل المصالح والأطماع والأغراض الدنيوية الزّائلة. ممّا جعل الحزب عبارة عن حركة شعبوية تفتقر إلى القناعات العميقة وقواعد التنظيم المحكم، والبناء السليم الذي يضمن الإستمرارية لأية جماعة مهما كانت العقبات التي توضع في طريقها، وهو الأمر الذي يفسر التّعامل السلبي لأغلب قيادات الحزب مع أي مقترح يرسم معالم نشاط دعوي إعلامي إقتصادي خيري يؤثر إيجابيا في السّاحة السياسية ويراهن على الوقت للرّجوع بعد ذلك بواجهة جديدة إلى الحقل السياسي. ونقول بكل أسف أنّ الكل مرتبط بالإعتماد وضرورة وجوده، مع العلم أنّهم جميعا صرّحوا ويصرّحون أن الجبهة الإسلامية للإنقاذ ليست ملفا معتمدا في أدراج وزارة الدّاخلية.

وعليه فإنّه ليس أمام رجال الدّعوة والسياسة من أبناء الحركة الإسلامية في هذا التيار إلّا ترك المهاترات ، وشحذ سيف الثّقة والأمل لقهر اليأس ومحاربة التردّد ثمّ التشمير عن ساعد الجدّ والعزم وفتح عهد جديد مع الدّعوة إلى الله والعمل السياسي والإعلامي الصّادق والهادف، بالكيفيات والصور المتاحة، و هي موجودة متيسّرة وعلى الله قصد السبيل. وعندها ستعرفون أنّ مستقبل أهل الحق والصّدق واعد مشرق زاهر إنشاء الله تعالى .

س11/ ما هي نظرتكم بخصوص قضية علي بلحاج؟ وهل يمكن إفساح المجال أمامه للعب دور سياسي معين يخدم البلاد؟

ج11/ أخونا الشيخ علي بلحاج حفظه الله، وعجّل بإطلاق سراحه معروف بمبادئه ، واضح في مواقفه، صريح فيما يذهب إليه، وهو المسؤول الثاني في الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وسيرته الدّعوية معلومة لا تُجهل ولا تُنكر. وهو يعلم يقينا أنّ فئة في النّظام تعمل ليلا نهارا لاجتثاث شجرة التيار الإسلامي والوطني الصادق من جذورها.

وهم إذ يئسوا من تحقيق ذلك ، فإنّهم مصرّون على إلحاق الضّرر بالشجرة وعرقلة نموها وتفتح أزهارها ونضوج ثمارها، وهو ما يفعلونه دوما ، بإثارة الفتن لزعزعة التنظيمات والنيل من سمعة التيار ، أو بنصب فخاخ لهذا الزعيم أو ذاك علّه يقع فينقضّون عليه وعلى جماعته بعصا القانون. وقس على ذلك.

وقد نبّهنا كما نبّه غيرنا على هذا، غير أنّه ومع الأسف بعض القادة والزّعماء يقع فيما نصب له، ويعطون بذلك الفرصة وبالمجان للأعداء، فنسأل الله السّتر والعفو والعافية.

ونحن أدّينا ونؤدي كل ما نراه واجبا تجاه الشيخ علي بلحاج أو غيره دون تردّد أو تقصير، ومن هذا الواجب السعي بكل ما نستطيع لإطلاق سراحه، واسترجاع حقوقه، والله هو الموفّق والهادي إلى الصّراط المستقيم.

أمّا مستقبله الدّعوي والسياسي، فهو بيد اللّه عزّ وجلّ، ومتى اقتضت حكمة الله وقدرته أن يلعب الشيخ أو غيره دورا في هذه الحياة، فسيكون ذلك بذل ذليل أو بعزّ عزيز. والله يقضي بالحق، والذين من دونه لا يقضون بشيء.

س12/ أين يذهب التزامكم في تأييد الرّئيس بوتفليقة؟

ج12/ إلتزامنا هو مع الله عزّ وجلّ أولا، ثم مع الجزائر دينا ووطنا وشعبا ثانيا، ثمّ مع الرّئيس عبد العزيز بوتفليقة أصلحه الله، نطيعه ما اجتهد أن يطيع الله فينا وحافظ على كرامتنا، ودافع عن قيمنا وثوابتنا، ووزّع الخيرات بالقسط بيننا، نسمع له، ونصبر عليه ونضع أنفسنا سهاما بيده يرمي بها حيث شاء.

أمّا إذا انقلب وخان العهد واخلف الوعد، أو عاث في الأرض فسادا، فسيكون لنا معه شأن آخر. ونسأل الله أن تكون الأولى ونعوذ به سبحانه أن تكون الثانية.

ولا ضير أن نذكر بالنّظرة التي أيدنا على أساسها رئيس الجمهورية في الرسالة التي شهد عليها الشّعب برمتّه:

’’ فسارع أيّها الرّئيس إلى حلّ شرعي عادل يعيد للدّين مكانته ، وللشّعب عزّته وكرامته، وللوطن أمنه واستقراره، وكن على يقين أيها الرئيس، أنّه إذا توفّرت الإرادة لديكم، وصدقت النّيات في العمل على تحقيق الحلّ المنشود فستجدون خلفكم جيوشا من المصلحين والسّامعين الطّائعين من أبناء الجزائر البررة في مختلف مواقعهم يؤيدونك ويؤازرونك، ويضحون بالغالي والنّفيس لأجل أن تحيا الجزائر حرّة مسلمة أبيّة، ويعيش شعبها عزيزا مكرما سيدا.‘‘

ويشهد الله أنّنا في قولنا هذا صادقون، وبالعهد مستمسكون، فمن صَدَقَنَا نَصرَه الله ، ومن خَدَعَنَا أخزاه الله ، فهو حسبنا ونعم الوكيل.

وأخيرا، أستاذنا الفاضل .. محمد الواتي ..

كتبنا والوقت يضايقنا .. وأصررنا كرما لشخصكم الكريم .. وقد جاءت أسئلتكم الأخيرة عن سيرتنا الذّاتية ، فقرّرنا أن تكون الكتابة عنها في موعد ومقال آخر نؤرخ فيه لنشأة الجيش الإسلامي للإنقاذ ونعطي صورة تعريفية لبعض القيادات فيه .. ونحن لا نشك أبدا في أنّكم ستلتمسون لنا الأعذار وتجدون لنا المبرّرات .. فالعذر عند كرام النّاس مقبول ..

وسنلتقي إن شاء الله في جلسة مباركة .. تكون الفرصة فيها لتبادل أطراف الحديث وأخذ بعض الصور التذكارية نزولا عند طلبك ، ولكم منّا جزيل الشكر والإمتنان على المقدمة الطّللية الصّادقة التي تكرمتم بها في الحلقة السابقة.


مدني مزراق