تعازي

كُتبت هذه المقالات عزاء لثلاثة رجال، ونُشر كل عزاء في تاريخه المبين أسفل المقال.

للموت حرمة ، تفرض على كل شريف أن يحترمها، ويذكر الأموات بخير أفعالهم، ويترك شرورهم لله عز وجل ،إن شاء غفر وعفا برحمته ، وهو الغفور الرحيم، وإن شاء عاقب وعذّب بعدله ، وهو العزيز الحكيم.. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم «اذْكُرُوا مَحَاسِنَ مَوْتَاكُمْ وَكُفُّوا عَنْ مَسَاوِيهِمْ» اللهم ارحم جميع المسلمين.

ترحّم على الشيخ نحناح

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ * وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآَخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ ﴾

الموت حق .. والساعة حق .. والجنة حق .. والنّار حق.

.. بالحق الدامغ .. والنّور الساطع .. والوحي المنزل .. و الآيات البينات في القرآن الكريم .. نستقبل هذا المصاب الجلل , الذي ألمّ بالداعين إلى الخير في العالم عموما، وبالأمة الإسلامية خصوصا، وبنا نحن أبناء الحركة الاسلامية ومن حولنا الشعب الجزائري بصفة أخص.

.. فارقنا الشيخ والداعية الكبير محفوظ نحناح , في وقت عصيب , تكالب فيه أعداء الله على كل ما لَهُ علاقة بالإسلام والمسلمين.

نعم .. تركنا والأمة أحوج ما تكون لأمثاله , ليدفعوا السوء عنها بالكلمة الطيبة، والموعظة الحسنة، والحجة البالغة، والدليل الساطع، وصبرِ أهل العزم.

وإذ نعزّي أنفسنا وأهلنا من أبناء الأمة الإسلامية بقوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ * وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ * وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾

.. فإننا ندعوهم جميعا إلى نبذ الفرقة وإصلاح ذات البين ، والاجتماع على كلمة سواء، والوقوف صفا واحدا وسدا منيعا ، في وجه كل الحملات الصهيونية التي استنفرت لها كل قوى الشر، للنيل من الإسلام والمسلمين.

كما نحثّ الجميع على المضي قدما في طريق الدعوة إلى الله , والثبات على الحق اقتداء بالرعيل الأول من أهل الإيمان. ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَآَتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾

ونحذر أنفسنا وإخواننا من الرّكون إلى الذين يجاهرون بعداوتهم للدّين، ويتربّصون بالإسلام والمسلمين الدوائر، كائنين من كانوا , وأن يتعاملوا معهم في حدود ما تسمح به السياسة الحكيمة مع الحيطة والحذر. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ ﴾

.. اللهم يا من بسطت الأرض ، ورفعت السماء، وخلقت الموت والحياة لتبلو النّاس أيّهم أحسن عملا، اللهم إنّ رسولك صلى الله عليه وسلم قال «لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ.»

اللهم إننا نشهد أن الشيخ الفاضل , وفقيد الدعوة الراحل ,كان سببا لهداية جموع من المؤمنين ، كثير منهم قد تصدروا الطليعة لحمل اللّواء والإستماتة في الدفاع عن حياض الأمة ، فتقبل اللهم منه هذا العمل الجليل, والجهاد الطويل، والسعي المذكور , والجهد المشكور , ووسع مدخله، وأكرم نزله، وأجعله اللهم مع النبيين والصديقين والشّهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. اللهم لا تحرمنا أجره , ولا تفتنّا بعده , واغفر لنا وله ولجميع المسلمين. آمين.

..إنا لله وإنا إليه راجعون.

قاوس جيجل في 20 / 06 / 2003

مدني مزراق



ترحّم على الشيخ العربي النوي

بسم الله الرحمن الرحيم

تطرقت الخبر في عددها 5853 الصادر يوم الاثنين 20/12/2009 الموافق لـ 4 محرم 1431 هـ، للقاء تم بيني و بين الشيخ الفاضل أبو جرة سلطاني على هامش تشييع جنازة الشيخ العربي النوي رحمه الله تعالى.

وإذ أشكر للخبر اهتمامها بمختلف المكونات السياسية و الاجتماعية للشعب الجزائري، فإن الأمانة تفرض عليّ تنوير من يهمه الأمر بما يلي:

  1. - إن الشيخ العربي النوي رحمه الله وأسكنه فسيح جناته مع النبيين و الصديقين والشهداء و الصالحين وحسن أولئك رفيقا. هو ابن الحركة الإسلامية و الوطنية ورجل من رجالها المعدودين الذين تركوا بصمات بينة لا تخفى في ساحتها.
    • هو رمز من رموز الدعوة في باتنة و الوطن كله.
    • عضو رابطة الدعوة الإسلامية بقيادة الشيخ أحمد سحنون.
    • رئيس المكتب المنظم والمسير لندوة باتنة التاريخية [مؤتمر استثنائي لـ ج.إ.إ] الذي حضرناه ثلاثة عن كل ولاية، الأغلبية فينا مطاردون.
    • عضو مجلس الشورى الوطني للجبهة الإسلامية للإنقاذ
    • عضو الهيئة التنفيذية وممثل الجبهة الإسلامية في السودان الشقيق.
    • عمل مديرا لمتوسطة الشهيد علي سواحي بباتنة
    • كان كبيرا في أخلاقه وتقواه، قويا في إيمانه ويقينه واضحا في خياراته، ثابتا في مواقفه، معتدلا في أفكاره وتصوراته واقعيا في مطالبه ورهاناته. مما جعله سباقا في الدعوة إلى الحوار والمصالحة والوقوف إلى جانب كل المبادرات الخيرة التي تدفع بسفينة الجزائر نحو شاطئ البر و الأمان.
    • ساهم كثيرا بتشجيعه لنا، ومواقفه التي لا تردد فيها، في تثبيت الهدنة وحقن دماء الجزائريين، وصولا إلى حالة الأمن والاستقرار التي كانت قبل ذلك تعد ضربا من الخيال.

      بعدما برأه قانون المصالحة الوطنية، عاد إلى الجزائر التي أحبها حتى النخاع بمحض إرادته، كيف لا وهو ابن الأوراس الأشم. وصل إلى أرض الوطن يوم 06/08/2006 على الواحدة والنصف بعد منتصف الليل، حيث وجدنا برفقة عائلته في انتظاره، أين قام رجال الخفاء مشكورين بتسهيل الدخول والعبور.

      اقترحت عليه بعدها تنظيم ندوة صحفية، أو حوار في جريدة حتى يعرف الناس رجالنا، ويطلعوا على بعض الحقائق، فاعتذر متواضعا كعادته ويا ليته فعل، كان أفاد واستفاد... ولكن .. لله في خلقه شؤون.

  2. أبو جرة سلطاني شيخ فاضل وأخ كريم، حضر إلى بيت الفقيد، معزيا ومواسيا، حيث أخذ مكانا كغيره من الناس في مجلس العزاء، واستمع في تواضع وخشوع إلى موعظة ألقاها الإمام، ثم استأذن في الانصراف، وأقبل عليّ مودعا –وذلك من فضله وأخوته- فتعانقنا وتبادلنا التحية الطيبة، والدعوات المباركات، وانطلق إلى وجهته مكرما مأجورا.

    نعم .. أكبرت في الشيخ أبو جرة، وفاءه للشيخ وأداءه لهذا الحق الذي فرضه الله للمسلم على أخيه المسلم.

أخيرا بقي لي أن أقول أن الشيخ العربي النوي خرج من وطنه مطاردا مظلوما، وعاد إليه صابرا محتسبا، وفارق الحياة مجردا من حقوقه محروما، عن عمر يناهز 66 سنة .. والظلم ظلمات يوم القيامة.

(ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون). ويا ويلهم من غضبه وسخطه وانتقامه.

(إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا).

انتقل أخونا الأكبر العربي النوي إلى جوار ربه، يوم الجمعة 11/12/2009 بعد صلاة الصبح، وشيع إلى مثواه الأخير بعد صلاة الجمعة.

رحم الله شيخنا وإنا لله وإنا إليه راجعون.

مدني مزراق



ترحّم على الحاج اسماعيل

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾

﴿وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآَخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ﴾

الموت هازم اللذات، ومفرق الجماعات ..

الموت نهاية كل ولي طاهر ..

الموت نهاية كل عتي فاجر..

الموت نهاية الحياة الدنيا .. عمل ولا حساب..

الموت بداية الحياة الأخرى .. حساب ولا عمل..

الموت حق .. والجنة حق.. والنار حق.. والساعة حق..

فيا سعد من استعد لحساب الآخرة بالعمل الصالح في الدنيا ..

و يا ويل من فاجأه الموت ولم يجد في سجله إلا المنكرات..

..لم أكن أعرف اللواء الحاج اسماعيل، ولم ألتق به إلا في جوان 1997 بمكان غابي في منطقة تسمى ’الخناقة‘ بجبال بني خطاب تاكسنة ولاية جيجل.

.. جاءنا مغامرا بدون جيش أو سلاح، بغية الإتفاق على استراتيجية متعددة الخطوات تنهي المحنة التي تكابدها البلاد وتعانيها.

.. كان رجلا بسيطا بساطة الجزائريين الأقحاح.. لا يحب المظاهر والمواكب .. سألته مرارا لماذا لا يأتي كغيره في موكب عسكري مدجج بالأسلحة، فأجاب بتلقائية ’’أنا مانيش عروسة‘‘ .. عرفت منه حينها أنه حج بيت الله سبع مرات، وأنه يؤدي مناسك العمرة تقريبا في رمضان من كل سنة..

كما عرفت منه ومن مقربيه أنه بدأ الصلاة مبكرا.. ولم يعرف عنه تناول الخمر.. والله أعلى وأعلم.

.. وإذ أسأل الله أن يتغمده برحمته وجميع المسلمين ، ويعفو عنهم ويدخلهم فسيح جناته، فإني أسوق هذه القصة كرد مؤدب على كل من تحلو له الشماتة، رغم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بترك الشماتة بالعدو فما بالك بالمسلمين المصلين.

ذُكِرَ الحجاج بن يوسف في مجلس أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، فأخذ الناس يعدون مظالمه وشروره، وعمر بن عبد العزيز ساكت. ثم نطق فقال ’’والله ما حسدت الحجاج إلا في اثنتين:

شغفه بالقرآن الكريم..

.. وقوله حين أدركه الموت: اللهم اغفر لي، فإنهم يزعمون أنك لا تفعل.‘‘

وواضح أن الحاج إسماعيل ليس الحجاج ..

وواضح أيضا أن غيره ليس عمر بن عبد العزيز ..

اللهم اغفر لنا ولجميع المسلمين والمسلمات ..

.. نعم ختم الحاج اسماعيل حياته بزيارة أخوية للشيخ مصطفى كرطالي بمستشفى زميرلي يوم الإثنين 27 أوت 2007 بعد الساعة العاشرة صباحا، أوصى خلالها بضرورة المضي على طريق السلم والمصالحة والمؤاخاة..

.. وفي الصباح الباكر من يوم الثلاثاء 28 أوت 2007 جاءنا نبأ وفاته.

وعليه تتقدم الهيئة القيادية للجيش الإسلامي للإنقاذ سابقا بأحر التعازي لأهل الفقيد، سائلين الله عز و جل أن يلهمهم الصبر والسلوان، ويأجرهم في مصابهم الجلل .. آمين.

عن الهيئة القيادية للجيش الإسلامي للإنقاذ سابقا.

مدني مزراق

الثلاثاء، 15 شعبان، 1428 هـ

الموافق لـ 28 أوت 2007 م